الملاهي الليلية في العراق.. "شفق نيوز" تدخلها من الابواب الخلفية وتكشف الجانب المظلم للرقص والترفيه

الملاهي الليلية في العراق.. "شفق نيوز" تدخلها من الابواب الخلفية وتكشف الجانب المظلم للرقص والترفيه
2024-02-17T17:25:19+00:00

شفق نيوز/ "عملت في ملهى ليلي مصادفة أثناء بحثي عن فرصة عمل لسد تكاليف علاج والدتي وتوفير إيجار منزلنا" هكذا تتحدث سعاد (اسم مستعار) عن بداية عملها في إحدى الملاهي الليلية ببغداد. 

تقول سعاد (35 عاماً) لوكالة شفق نيوز، إن "العمل في هكذا مكان لم يكن رغبة مني، بل إن الظروف هي التي أجبرتني على القبول به، فقد كنت أسكن مع والدتي التي كانت تعمل في محل وكانت الأجور التي تتقاضاها تكفي للإيجار والعيش المتوسط، أما أنا فقد كنت ربة بيت لأني لم أكمل دراستي بل تركتها عند مرحلة المتوسطة".

وتضيف، "لكن في إحدى الأيام تعرضت والدتي لوعكة صحية لازمت على إثرها الفراش، وفي ظل عدم توفر دخل لنا بدأتُ رحلة البحث عن عمل فيه أجور جيدة، لكن بلا جدوى، لكن أثناء البحث تعرفت على فتاة بالمصادفة وأخبرتني أن ما ترغبين به من أجور تجدينها في الملاهي، كما يتوفر في تلك الأماكن فرص عمل دائماً".  

وتتابع، "لذلك قررت مضطرة الذهاب إلى إحدى الملاهي ببغداد، وفعلاً قالوا إن العمل متوفر لكن الأجور حسب الزبائن، وبدأت العمل معهم واستطعت توفير العلاج لوالدتي ومبلغ الإيجار، وبقيت في العمل حتى بعد وفاة والدتي قبل 9 سنوات، وأرى أن العمل في هكذا مكان ليس فيه ضرر على أحد، ربما عليّ نفسياً فقط، لكن ليس لدي مكان آخر".

ظروف قاسية 

يعود لجوء الفتيات إلى هذا الطريق لأسباب متعددة أبرزها اجتماعية واقتصادية، وفق الناشطة النسوية، إسراء سلمان، مبينة أن "بعض الأسر تتاجر ببناتهن للعمل في الملاهي، وأحياناً تدفع الظروف الأسرية الفتيات للخروج من البيت واللجوء ليس إلى الشرطة المجتمعية لحل القضية بطريقة رسمية، وإنما إلى الأشخاص الخطأ لذلك يتم استغلالهن".

وتضيف سلمان لوكالة شفق نيوز، "بالإضافة إلى أن ملاجئ الأيتام تخرج قسراً من تبلغ 18 عاماً، وهؤلاء ليس لديهم مأوى، لذلك قد يلجأون إلى هذه الأماكن، لكن حالياً هناك توجيه جديد بالإبقاء على الفتيات في ملجأ الأيتام إلى أن يتزوجن أو يجدن عملاً".

وتشير إلى أن "الكثير من الملاهي في بغداد وإقليم كوردستان تعمل فيها قاصرات تحت سن 18 عاماً، وهذا يعد اتجاراً بالبشر واستغلالاً جنسياً بالأطفال، في ظل عدم توفر مكان حكومي لإيوائهن ورعايتهن فيه، لذلك ينبغي اتخاذ إجراءات حقيقية بإجراء كشف عن هذه الأماكن ومعالجة حالات الفتيات التي فيها".

وتنوّه إلى أن "إعادة الفتيات إلى أهاليهن قد ينتهي إلى قتلهن، وقد يُفرج عن الجاني تحت بند المادة 409 من قانون العقوبات، وقد تخفف العقوبة عليه تحت بند المادة 128 بأنها جريمة لدواعي الشرف".

وتؤكد الناشطة النسوية على ضرورة "التدخل الحكومي لمتابعة النوادي الليلية والأشخاص الذين يستغلون الأطفال والفتيات، فضلاً عن تطبيق إلزامية التعليم الذي نص عليها الدستور العراقي النافذ لعام 2005، وتفعيل دور الباحث الاجتماعي، وهذا قد يعالج الكثير من المشاكل المجتمعية واحتواء الأطفال".

كل فتاة وراءها قصة

وتتفق مع هذا الطرح، ناشطة مطلعة على ما يجري في داخل الملاهي، حيث تقول إن "الأسباب التي أدت إلى كثرة عمل الفتيات بالنوادي الليلية يعود إلى أسباب اجتماعية أبرزها التفكك الأسري، والذي يؤدي إلى هروب بعض الفتيات من أهاليهن، إلى جانب تعرضهن للظلم والاضطهاد من عوائلهن، حسب ما يدعين". 

وتضيف الناشطة التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لوكالة شفق نيوز، "كما أن بعض الفتيات يأتين إلى النوادي بسبب العوز المادي في ظل انعدام فرص العمل، لذلك تلجأ إلى الملاهي خاصة في حال كانت لديها أطفال لتعيل عائلتها، وكل فتاة وراءها قصة".

لكن هذه الوظيفة وقتية، وقد تتسب لهن مشاكل قد تصل إلى التهديد بالقتل، خاصة بالنسبة للفتيات الهاربات من أهاليهن، وكذلك الحال إذا كانت الفتاة دون السن القانوني، ما يسبب مشكلة قانونية لها"، بحسب الناشطة، داعية الحكومة إلى توفير دور تأوي هؤلاء الفتيات وتفعيل قانون العنف الأسري للحد من لجوء الفتيات إلى الملاهي".

قاصرات في الملاهي

وانتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، في مثل هذا الشهر من العام الماضي، مقطع فيديو يظهر طفلة ذات 10 -12 عاماً ترقص إلى جانب مجموعة راقصات في إحدى الملاهي الليلية، وذكرت أنباء أن الملهى في مدينة أربيل.

فيما قال قائمقام مدينة أربيل، نبز عبد الحميد، في 4 شباط 2023، إن المقطع قديم وليس في مدينة أربيل، وإنما تم تصويره في بغداد، مؤكداً أن "أي فعل من هذا النوع في أربيل، سيتم التعامل معه وفق القانون، سيغلق المكان ويعاقب مالكه".

وكان رئيس مجلس القضاء العراقي، القاضي فائق زيدان، وجّه في، 25 كانون الثاني 2023، باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب النوادي الليلية والملاهي التي تشهد ظاهرة نثر الأموال على المغنيات في الحفلات الصاخبة، وكذلك اصطحاب الأحداث (دون سن 18 عاماً) إلى تلك الأماكن.

ووفقاً لإعمام مذيل بتوقيع القاضي زيدان، وموجه إلى رئاسة الإدعاء العام ورئاسة محاكم الإستئناف كافة، فإنه "لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة نثر الأموال واصطحاب الأحداث إلى تلك الملاهي".

وأردف بالقول إن "هذه التصرفات غير الحضارية مخالفة للقانون والتعليمات النافذة لذا اقتضى الإعمام على محاكم التحقيق لتشكيل فرق رصد بالتعاون مع مراكز الشرطة المختصة أو مفارز الأمن الوطني كلاً حسب اختصاصه المكاني لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب تلك الملاهي، وكذلك من يرتادها، ويرتكب المخالفات المذكورة".

الرقص فن

من جهتها، تنوّه الناشطة في مجال المرأة، سكينة حيدر، إلى وجود اختلاف بين الراقصة في الفعاليات والراقصة في الملاهي الليلية، حيث إن الرقص من الفنون الشعبية وموجود في المسارح والنشاطات عبر تقديم رقصات شرقية وغربية وكلاسيكية وغيرها.

وتضيف حيدر لوكالة شفق نيوز، "كما هناك فرقاً استعراضية متنوعة يرتدي أفرادها ملابس خاصة ليست مخلة بالحياء، كما حصل في مهرجان بابل بدوراته السابقة وغيرها، حيث ترتدي الفنانة الراقصة الزي الآشوري أو البابلي وتؤدي رقصات معينة".

وتوضح، أن "هكذا رقص ليس فيه إشكاليات، أما الراقصة في الملاهي الليلية فإن الأمر يختلف، فهذه قد تعرض جسدها للتجارة أيضاً وتكون حياتها في خطر".

يذكر أن الراقصة و"التيك توكر" العراقية، مروة القيسي، أقدمت في 5 أيلول 2022، على الانتحار من أعلى مبنى بمجمع القرية اللبنانية في أربيل حيث ألقت بنفسها وتوفيت على الفور.

وشاعت شهرة مروة القيسي في السنوات الأخيرة بتأدية بعض الأدوار الفنية وتقديم الرقص فضلاً عن كونها "تيك توكر" ولها متابعين على مواقع السوشيال ميديا يتجاوز عددهم الأربعة مليون مستخدم.

القانون لا يحمي بنت الليل 

وفي هذا السياق، تقول المحامية قمر السامرائي، إن "القانون لا يحمي بنت الليل التي ترقص في الملاهي وقد تمارس الدعارة، ومؤخراً شاع قانون المحتوى الهابط الذي يعاقب على الفعل الفاضح بالحبس من أشهر إلى أكثر من سنة، ويقصد بالفعل الفاضح، الفعل الذي يؤدي إلى الإخلال بالآداب العامة". 

وتبيّن السامرائي لوكالة شفق نيوز، أن "القانون العراقي بالمادة 401 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ينص على: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وبغرامة لمن يرتكب فعلاً مخلاً بالحياء علني، وينطبق النص أيضاً على من يتكلم بكلام مبتذل".

وتتابع "لكن حالياً لا توجد عقوبة على الفتيات اللواتي يرقصن في الملاهي، وإنما على اللبس الفاضح والكلام البذيء وغيرها، ومؤخراً تمت معاقبة إيناس الخالدي ليس على رقصها وإنما لأنها تفوهت بألفاظ بذيئة، أما الرقص في الاستعراضات والمهرجانات فالوضع يختلف، فهذا يعتبر فناً ولا عقوبة عليه". 

حبس إيناس الخالدي

وكان القضاء العراقي حكم، في 4 شباط الجاري، بالحبس بحق المغنية "إيناس الخالدي" لإدانتها بالمحتوى الهابط

وقال مصدر لوكالة شفق نيوز، إن محكمة استئناف بغداد الكرخ أصدرت حكماً يقضي بالحبس البسيط لمدة 4 أشهر بحق "الخالدي" بعد إدانتها بالمحتوى الهابط.

وشنت وزارة الداخلية العراقية ومجلس القضاء الأعلى منذ مطلع العام 2023 حملة لملاحقة من اتهمتهم بنشر "محتوى هابط" في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى إثر ذلك صدرت مذكرات قبض وأحكاماً بالسجن بحق العديد من أولئك الذين ينشرون لمثل هكذا محتوى.

تقرير: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon