الوقت يتوقف عند "فرات".. ماذا تعرف عن مدينة "العصور الوسطى" العراقية؟

الوقت يتوقف عند "فرات".. ماذا تعرف عن مدينة "العصور الوسطى" العراقية؟
2021-09-29T19:00:28+00:00

شفق نيوز/ في الوهلة الأولى، وعند الدخول لناحية الفرات التابعة لقضاء هيت غربي محافظة الأنبار، تبدو كصحراء قاحلة، خالية من الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى العديد من المشكلات في مختلف الجوانب الأمنية والإنسانية.

هذه المدينة التي يسكنها 32000 نسمة، تبدو أشبه بالعصور الوسطى، وهو ما أكد تلك المعاناة مدير الناحية رائد عيادة.

مقابر جماعية

بعد تحرير المحافظة من داعش، وبناءً على شكاوى المواطنين، عثرت السلطات الصحية في الناحية، على مقبرة جماعية في بئر بمنطقة زراعية، وذلك بعد دعوة عائلات المغيبين وتحديدا عائلات عشيرة البونمر، لأخذ عينات دمهم ومطابقتها مع عينات الجثامين، كون شهود العيان أكدوا عائدية هذه الجثامين إلى المجزرة التي نفذها داعش بحق أبناء العشيرة إبان سيطرتهم على المحافظة سنة 2014، بحسب مدير ناحية الفرات رائد عيادة الكعود.

وقبل أسبوعين من الآن، عُثر على مقبرة جماعية أخرى داخل حدود الناحية، لكن لم يتم إتخاذ اي إجراء بشأنها حتى الآن، وفقاً للكعود، الذي أشار إلى "إبلاغ ديوان المحافظة وقيادة عمليات الأنبار ووعدوا باتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية ولكن لم يتغير شيء حتى الآن".

وتابع الكعود لوكالة شفق نيوز، "بعد اطلاعي على المقبرة تبين أن القضية أخذت حيزا واسعا في الإعلام، فلم أرَ سوى عظاماً بارزة، وبعض سديات (أسرّة) ثلاجات الموتى الخاصة بالطب العدلي، أي يرجح أن الجثث كانت في مستشفى".

ولفت مدير الناحية، إلى "العثور على آثار لبدلات عسكرية، لكن حتى الآن لم يتم حفر المقبرة أو اتخاذ أي إجراء آجر من الجهات المعنية".

منع عشائري لعودة العائلات

وحول الملف الأمني، أكد الكعود، أن "المنطقة تشهد استقراراً امنياً بشكل ملحوظ، ولم تشهد أي خرق أمني منذ تحريرها من داعش وحتى الآن، وذلك نتيجة تعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية، حيث يعمل المواطنون على تزويد عناصر الأمن بالمعلومات التي من شأنها الحفاظ على هذا الاستقرار".

وأضاف أن "جميع المتهمين من أبناء الناحية مازالوا خارج المنطقة، ورغم محاولاتهم بالعودة إلى منازلهم، من خلال تقديمهم بطلب (التزكية) إلا إن إدارة الناحية ترفض عودتهم لعدم رغبة السكان بذلك".

وبين الكعود، أن "لو قمنا بالعمل على تدقيق أمني لملفات هؤلاء، لتبين براءتهم من التهم الموجهة إليهم كافة، لكن كون المنطقة عشائرية وخشية من ردة فعلهم، كونهم يؤكدوا تورط هؤلاء بالانخراط في صفوف داعش، إلا أنهم لا يمتلكون أي دليل، وحتى الأبرياء لم يعودوا يرغبوا بالعودة بسبب ذلك".

الكهرباء والماء

وفيما يخص الملف الخدمي، قال مدير ناحية الفرات، إن "منذ عام 1976 لم تشهد المنطقة أي أعمال صيانة للشبكة الكهربائية، لكن تم العمل مؤخرا على نصب المحولات الكهربائية والاعمدة ومد الأسلاك، وتم حل 70% من المشاكل التي كانت تواجهنا بهذا الملف، لكن تبقى مشكلتنا هي بساعات التجهيز، كوننا مرتبطين بمحطة سد حديثة، وتزود المنطقة بساعتين تجهيز، مقابل أربع ساعات انقطاع، ويعتمد السكان على المولدات الاهلية، اذ وصل سعر الامبير الواحد في الشهر إلى 25 ألف دينار، خلال فصل الصيف".

ونوه الكعود، قائلا "خدمة المياه جيدة، وتم إنجاز 16 مشروع وهناك ثلاثة مشاريع اخرى بطور الإحالة، وفي حال انجازها يتم القضاء على شح المياه ببعض المناطق، خاصة في المناطق الزراعية التي تستهلك المياه وتسبب بشحة المياه في مناطق أخرى".

عيادات بلا أطباء

وبشأن الملف الصحي، استطرد الكعود، بالقول "نمتلك في الناحية ثلاثة مراكز صحية، لكنها تفتقر للكوادر الطبية، حيث أن مركزين لم يصلها أي طبيب حتى، والثالث لا يتوفر به أي طبيب في الوقت الحالي، وبعد الساعة الثانية ظهراً، تنتهي الخدمة الصحية في الناحية"، مبيناً أن "المريض يضطر للذهاب الى قضاء هيت لتلقي العلاج".

النساء والدراسة 

وعن واقع التربية والتعليم، أكد مدير ناحية الفرات وجود مشكلة في الكوادر التربوية، قائلاً "نمتلك 23 مدرسة لمختلف الفئات والأجناس، وكلها تعاني من عدم توفر الكوادر بشكل كامل، وذلك يعود لغياب التعيينات، مما يدفع بالكثير من الطلبة إلى إكمال مسيرته الدراسية خارج الناحية، وهناك طالبات تركن التعليم لعدم توفر مدرسة ثانوية قريبة من مناطقهم".

وأشار الكعود، إلى أن "نظام التنسيب الذي أقرته وزارة التربية إبان سيطرة داعش على المحافظة، فاقم أزمة الكوادر التعليمية لدينا، وهذا ما تعانيه جميع النواحي ايضاً، بالإضافة إلى أن الكثير من المدرسين انتقلوا الى مركز قضاء هيت، كونهم يعتبروا النواحي أرياف".

أرض ميتة

وتعد ناحية الفرات واحدة من أهم المناطق الزراعية في الانبار، لكنها تعاني الإهمال، وعن هذه الظاهرة، نوه الكعود، إلى عدم وجود أي دعم لفلاحي الناحية، وكل ما تقدمه الحكومة لهم هو السماد، ولا يمكن وصوله إليهم إلا بشق الأنفس، بسبب العوارض الأمنية".

وأوضح أن "المخازن تقوم بصرف كيسين سماد للفلاح، وعليه الذهاب الى قضاء الخالدية لأجل استلامها، أي يقوم بتأجير سيارة تعادل اجرتها ثمن السماد الذي يصرف له، كما لا يوجد من يوفر للفلاحين ثمن وقود (التركترات) التي يعملوا عليها، فضلا على تكاليف مضخات المياه الكهربائية، وهناك عدد منهم تركوا مهنة الزراعة لهذه الأسباب، وهناك من يموت محصولهم حتى".

منع دخول الأغنام

وثمة قيود تواجه تجار الأغنام في ناحية الفرات، حسبما يقول مدير الناحية، الذي لفت إلى أن "السيطرة المشتركة الممسوكة من قبل قيادة عمليات الأنبار، تمنع دخول أكثر من خمسة رؤوس أغنام بالسيارة الواحدة، وهذا ما يفاقم المشكلات التي تواجه الناحية".

وأوضح أن "الغريب أن الناحية هي منطقة زراعية والأغنام هي مصدر عيش للكثير من سكانها، وليست منطقة حدودية حتى يتم منعها خوفاً من عمليات التهريب".

واختتم الكعود حديثه بمطالبة وزارة الصحة بـ"توفير الكوادر والمستلزمات الطبية وكافة احتياجات الناحية"، ومطالبة وزارة الزراعة بـ"توفير الدعم اللازم للفلاحين".

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon