بروفايل.. نانسي بيلوسي المرأة الحديدية في نادي الذكور

بروفايل.. نانسي بيلوسي المرأة الحديدية في نادي الذكور
2021-01-14T09:45:02+00:00

شفق نيوز/ ليست نانسي بيلوسي شخصية عادية في الحياة السياسية الاميركية، ويعتبرها كثيرون بمثابة المرأة الحديدية التي تحولت منذ بدايات اقتحامها قمة المشهد السياسي وهي بعمر ال47، الى السيدة الأكثر قوة ونفوذا في واشنطن.

وأعيد انتخاب بيلوسي في الثالث من يناير/كانون الثاني 2021، رئيسة لمجلس النواب، وهي السيدة الأولى والوحيدة حتى الآن تتولى هذا المنصب. لكن ذلك لم يكن طريقا معبدا بالزهور.

عاصرت العديد من الرؤساء الاميركيين، وحضرت وهي بعمر العشرين، خطاب تنصيب الرئيس الأسبق جون كينيدي في العام 1961، ولم تكن قد اقتحمت العمل السياسي بعد. ومنذ ذلك الوقت، عايشت الرؤساء الذين توالوا على البيت الأبيض، سواء من خلال نشاطها المحدود كمناصرة للحزب الديمقراطي بالفعاليات التي كانت تنظمها في منزلها او ولايتها، او صعودها التدريجي في سلم العمل السياسي.

وبالاجمال، فقد عايشت نانسي بيلوسي (80 سنة) فترات رئاسة مثلا لرونالد ريغان وجيمي كارتر وبيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما، وصولا حاليا الى دونالد ترامب الذي تحاول في ايامه الاخيرة في البيت الأبيض اسقاطه بالضربة القاضية.

عائلتها ناشطة سياسيا، وقد نشأت بيلوسي في بالتيمور، وهي ابنة عمدة المدينة توماس دي اليساندرو الذي تعود اصوله وزوجته أنونشاتا، إلى إيطاليا، وكلاهما كانا من ناشطي الحزب الديموقراطي، بل ان والدها دخل الكونغرس كممثل عن ماريلاند. اما شقيقها توماس فقد انتخب لاحقا عمدة عن بالتيمور ايضا في العام 1967. وكانت لا تزال في ال12 من عمرها عندما حضرت أول مؤتمر وطني للترشيح في الحزب الديموقراطي.

زوجها، بول الذي يعمل في قطاع المصارف، التقته في جامعة جورج تاون، ولم يقترب من عالم السياسة. وعندما كان لديهما خمسة أبناء في العام 1969، انتقلت العائلة الى سان فرانسيسكو، وكانت هي تركز على رعاية أطفالها، لكنها افتتحت ما يشبه النادي في منزلها للعمل دعما للحزب الديمقراطي.

ومن ضمن عملها السياسي الأوسع، تدربت لدى السناتور الديمقراطي دانيال بروستر، وعملت في حملة المرشح الرئاسي جيري براون في العام 1976، وفي العام 1981 كانت من أبرز وجوه الحزب في ولاية كاليفورنيا، وعملت بعيدا عن الأضواء لجمع المال والتبرعات للحزب في الولاية المعروفة بميولها "اليسارية".

عندما صار عمرها 47 سنة، وبعدما غادر أخر اولادها للالتحاق بالجامعة، تشجعت بيلوسي لاقتحام المشهد. وبسبب احتضار عضوة كونغرس، فتح الباب امام بيلوسي لتخوض معركة خلافتها، ونظمت 100 حفل لجمع التبرعات في منزلها، وجندت اربعة الاف ناشط متطوع لدعمها، وجمعت مليون دولار خلال 7 اسابيع فقط.

وهزمت بيلوسي منافسا أكثر حضورا منها في الانتخابات الخاصة في سان فرانسيسكو. وفي يونيو/حزيران 1978، ادت قسم اليمن للمرة الاولى كنائبة في برلمان الولاية، وكان والدها العجوز الى جانبها خلال المراسم. وفي بداية الثمانينات، كانت قد أصبحت رئيسة للحزب في كاليفورنيا.

كانت من اوائل وابرز القضايا التي أثارتها بيلوسي في بدايات عملها البرلماني في سان فرانسيسكو، قضايا الايدز والحريات الجنسية، وهي مواضيع لم تكن تحظى بشعبية على المستوى الوطني. كما كانت من بين النواب الذين ناضلوا ضد قوانين السماح باستخدام السلاح وفرضت قيودا على امتلاك قطع السلاح الهجومي في العام 1994. عرفت ايضا لاحقا بمعارضتها لحرب العراق، كما تصدت لادارة جورج بوش في محاولاتها لخصخصة الضمان الاجتماعي.

ومن المعروف ان احد اقدم واكبر داعمي بيلوسي في مسيرتها السياسية، شركة "اي آند جي غالو لصناعة النبيذ" التي تنتج 25 في المئة من النبيذ في الولايات المتحدة، وتمتلك بيلوسي نفسها اثنين من مزارع كروم العنب في كاليفورنيا.

وكان دخلت للمرة الاولى الى الكونغرس في العام 1987، وقادت الديمقراطيين كأقلية في مجلس النواب منذ العام 2003 حتى العام 2007 في أول مرة بالنسبة الى سيدة اميركية، وكررت ذلك ما بين عامي 2011 و2019. لكنها تولت رئاسة مجلس النواب ما بين 2007 و2011، ثم في ال2019 حتى الان بعدما امتلك الديمقراطيون الاغلبية.

وكان طريق بيلوسي طويلا وشاقا، لكنها من خلال مهارتها في جمع التبرعات والأموال للحزب، وحاستها السادسة سياسيا، تمكنت بحسب ما ذكر موقع "بيزنيس انسايدر" من كسر حواجز العقبات الجندرية، وشق طريقها الى "نادي الذكور" المتمثل تقليديا بالكونغرس الاميركي.

اشتهرت صورتها في شباط/فبراير العام 2020 وهي تمزق خطاب دونالد ترامب حول حال الاتحاد، ووصف الخطاب بانه "قذر". ولم تكن علاقتها بترامب جيدة بتاتا وهي حاولت منذ العام 2019 عزله عبر الكونغرس، لكنها تراجعت لاحقا بعدما اعتبرت ان المضي قدما في اجراءات العزل ستعزز انقسام الاميركيين.

وكثيرا من تبادلت بيلوسي وترامب تصريحات الهجاء والنقد، وهو مارس ذلك كثيرا عبر حسابه على تويتر الذي تم حظره قبل ايام. في أيلول/سبتمبر الماضي، قبل الانتخابات الرئاسية، وكان السجال محتدما، اظهرت كاميرات مراقبة بيلوسي وهي تزور صالون لتصفيف الشعر في سان فرانسيسكو، وتنتقل في ارجاء المكان من دون ارتداء الكمامة، فاغتنم ترامب الفرصة ليغرد قائلا "المجنونة نانسي بيلوسي تخاطر بسمعتها من أجل جعل أحد صالونات تصفيف الشعر يفتح فيما الصالونات الاخرى مغلقة، وعدم وضع كمامة بينما هي تعطي الجميع دروساً بهذا الأمر طوال الوقت".

والان بعد اقتحام الكونغرس من جانب أنصار ترامب وبتحريض منه، عقدت بيلوسي العزم من أجل خوض معركة اخيرة ونهائية لتوجيه ضربة قاضية للرئيس الجمهوري الذي طالما اتهمته هي بالجنون وعدم الانضباط. ونجحت بالمضي بإجراءات عزل الرئيس في مجلس النواب، وذلك في اطار تحرك طارئ لما يمثله "هذا الرئيس من تهديد وشيك" للدستور والديمقراطية التي تتعرض "لاعتداء فظيع"، لكن كلمة الفصل ستكون عند مجلس الشيوخ.

قد تنجح بيلوسي في معركتها السياسية الجديدة، وقد تفشل، لكنها في كلا الحالتين، سترسخ صورتها القديمة كأمراة حديدية، شرسة في قتالها دفاعا عن الحزب الديمقراطي، وتستعد بكل الاحوال الان لفترة رئاسية جديدة لمجلس النواب، اقل صعوبة بالتعامل مع سيد البيت الجديد مع مجيء جو بايدن. لكنها بكل الأحوال، لن تكون ولاية سهلة بظل التحديات الاقتصادية والصحية التي تواجه الاميركيين. الزمن وحده مجددا، اختبار حقيقي لهذه السيدة.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon