صحافيو العراق و"منصة الخوف": حسابات على "تلغرام" للمراقبة وإطلاق تهديدات أمنية قاتلة

صحافيو العراق و"منصة الخوف": حسابات على "تلغرام" للمراقبة وإطلاق تهديدات أمنية قاتلة
2022-11-11T18:41:33+00:00

شفق نيوز / كشف تقرير أمريكي، اليوم الجمعة، عن تعرض صحفيين عراقيين لتهديدات مستمرة بالقتل في منصة "تليغرام"، وفيما نقل قصة التهديد الذي يلاحق أحدى الصحفيات بسبب منشوراتها وعلاقتها بشقيقتها السياسية، أكد أن هناك تطبيقات على المنصة تابعة لجماعات مسلحة تهدد وتنشر معلومات امنية حساسة.

وترجمت وكالة شفق نيوز عن "نشرة كولومبيا الصحفية" الامريكية قولها إن التهديدات وعمليات المراقبة التي يتعرض لها صحفيون عراقيون من خلال منصة "تلغرام"، والتي يخشى انها "تقود لاحقا الى عمليات اغتيال"، مشيرة إلى ان "المنصة اصبحت تستخدم ايضا للدعاية الحزبية والمعادية للغرب وأمريكا".

وأشارت النشرة الامريكية المتخصصة بقضايا الصحافة، الى "قضية الصحفية العراقية سؤدد الصالحي التي تراسل موقع (ميدل إيست آي) البريطاني، وعملت سابقا لوكالة رويترز، والتي تلقت في 13 يونيو / حزيران 2022 ، رسائل عبر هاتفها من ثلاثة أشخاص ارسلوا اليها (سكرين شوت)، لمنشور على قناة تابعة لجماعة عراقية مسلحة، على شبكة التواصل الاجتماعي تليغرام، يتساءل عما إذا كان أحد من المتابعين للقناة، يعلم بأن شقيقة الصالحي، هي سياسية معارضة. وتضمن المنشور صورة تجمع الشقيقتين".

ولفت التقرير الأمريكي إلى ان "الصالحي غطت في العام 2004 معركة الفلوجة والغزو الأمريكي"، مضيفا أنه "ليس من السهل تخويفها".

إلا أنه تابع قائلا انه "في ظل تغير العراق خلال السنوات التي تلت ذلك، تنامى دور القوى المسلحة في البلد، اقتصاديا وامنيا وحكوميا، وصارت تنشط بلا عقاب"، مضيفا أنه "منذ نهاية العام 2019 ، يعتقد أن هذه الميليشيات المسلحة كانت ضالعة في ما لا يقل عن 36 عملية اغتيال، طالت بغالبيتها ناشطين وصحفيين".

وبيّن التقرير؛ أن "هذه الميليشيات تمادت الى انها في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021، الى حد تنفيذ هجوم بطائرات مسيرة على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في محاولة لاغتياله لما يعتقد أنه بسبب دوره لمحاولة محاكمة احدى (فرق الموت)".

واعتبر التقرير الأمريكي؛ إن "الهجمات على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن تكون بمثابة تمهيد لاغتيالات كهذه، مستعيداً في هذا الإطار ما جرى مع الباحث هشام الهاشمي الذي راى في ايار/مايو العام 2020 تزايدا في التدوينات التي تستهدفه، وفي 9 يونيو/حزيران 2020، أطلق مسلحان النار عليه اثناء عودته الى منزله".

وذكر التقرير ان "شقيقة سؤدد الصالحي هي بالفعل شخصية سياسية، لكنهما ابقتا قرابتهما العائلية هذه سرية من أجل حماية بعضهما البعض، حيث لم تكن سؤدد ان يرتبط عملها بالمواقف السياسية لاختها، ولا أن يتم استهداف اختها بسبب ما تكتبه كصحفية، لكن الان، قامت الميليشيات المسلحة بإبلاغها بأن علاقتهما العائلية قد كشفت، وانهما أيضا تحت المراقبة".

ونقل التقرير عن سؤدد الصالحي قولها ان "المنشور كان بمثابة تبليغ لي ان بامكانهم الوصول الي، وإذا لم يتمكنوا مني، فبإمكانهم الوصول الى عائلتي".

الى ذلك، اشار التقرير الى ان "وسائل الاعلام العراقية كانت تحت سيطرة الدولة خلال عهد صدام حسين بين 1979 الى 2003، وتسللت عبر ثغرات في الرقابة مواد عبر شرائط كاسيت مهربة أو من خلال اقمار صناعية مخفية". واضاف انه "بعد عام 2003، اصبح الاعلام حافلا بقنوات مختلفة".

ونقل التقرير عن الباحثة في مدرسة لندن للدراسات الشرقية والافريقية عايدة القيسي قولها ان "العراقيين انتقلوا من مرحلة الوصول بصعوبة الى اي وسيلة اعلام متاحة، أو وسائل إعلام تديرها الدولة، الى مرحلة التدلل بالاختيار من حيث أنماط المنصات الاعلامية المتاحة أمامهم".

ولفت التقرير إلى أن "القيسي نشرت مؤخرا تقريرا مع كلية لندن للاقتصاد، يظهر أنه في ظل النقص في الدعم المالي المستقل، فإن قنوات الاعلام في العراق الى الاعتماد على اللاعبين السياسيين من أجل الحصول على التمويل، وهو ما يعني عوضا عن الجهة الدعائية الوحيدة خلال فترة صدام حسين، انقسمت وسائل الاعلام الى منصات دعاية متعددة".

وقالت القيسي أنه "عندما تشغل جهاز التلفزيون في العراق، فإنك بذلك تختار

وجهة نظر الحزب السياسي تريد الاستماع اليها. الجمهور العراقي يدرك كيف يتم تمويل وسائل الإعلام، ويفهمون ما يعنيه ذلك من حيث الرواية التي يقدمونها".

تاريخ "تلغرام"

وفي هذا الإطار، استعاد التقرير الأمريكي كيفية انشاء "تلغرام" من قبل الشقيقين الروسيين نيكولاي وبافل دوروف في العام 2013، وهي منصة سرعان ما تحولت مكانا لحضور الجماعات المختلفة في جميع انحاء العالم للتواصل بين بعضهم البعض.

وتابع أن "تلغرام" برغم أنها أحد أكبر المنصات في العالم، غير أنه يعتقد أن لديها حوالي ثلاثين موظفا أساسيا فقط.

واضاف ان الاخوين دوروف هم من الليبراليين الجدد، و"تلغرام" لا تتسم بالتنظيم بدرجة كبيرة، وهي بالاضافة الى انها تتيح تبادل الرسائل العادية، فإنها تسمح للأفراد والمنظمات بإنشاء قنوات يمكنهم من خلالها استقطاب المتابعين والتواصل مباشرة مع الجماهير.

واعتبر أن المنصة "تمثل عالما من اعلام الفقاعات وبعضها كبير وبعضها الآخر صغير، وهي وسيلة حيوية من أجل الاتصالات التي تقوم بها الحكومة الاوكرانية، وفي الوقت نفسه، تجتذب جماعات يوحدها خطاب الكراهية" مشيرا الى "الجماعات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، بدأت في استعمال المنصة".

"تلغرام" والعراق

وذكر التقرير أن "الصحافيين في العراق تعلموا أن متابعة حسابات المجموعات المسلحة، تقودهم غالبا إلى تحقيق ضربات (سكوبات) اعلامية والحصول على مصادر معلومات حتى من هؤلاء الذين يمقتون الإعلام".

وتابع التقرير انه "منذ حرب 2014 ضد (داعش)، أصبحت العديد من هذه الجماعات الآن جزءا من الحكومة ولديها امكانية الوصول الى الوثائق والمعلومات الحساسة"، مضيفا أنه عندما ينشر حساب على تلغرام تابع لميليشيات متشددة ملفا يتضمن معلومات، فإنها في غالب الأحيان تكون صحيحة".

ونقل التقرير عن سؤدد الصالحي قولها "انهم يجذبون انتباهك، ويكسبون احترامك، ثم يبداون في التلاعب بك".

واشار التقرير الى ان القناة الأكبر التي تتابعها الصالحي هي (صابرين نيوز) التي لديها 180 ألف متابع، والتي من المعتقد أن جماعة عصائب أهل الحق هي التي تديرها. وتتحدث هذه القناة عن انقاذك من أكاذيب الناتو إذا انضممت إليها. وتحفل القناة بالأخبار العاجلة والدعاية المؤيدة لروسيا التي أصبحت السمة المميزة للجماعات المتطرفة في جميع أنحاء العالم".

واضاف انه "من الصعب التوقف عن تمرير اصبعك بين المنشورات والحافلة بمعلومات غير واقعية".

ونقل التقرير عن الباحث في "معهد واشنطن" حمدي مالك ، قوله إن "(صابرين نيوز)، تمثل جهود الدعاية الايرانية التي بدأت منذ سنوات عندما قامت طهران بتمويل تدريب مجموعة من الشخصيات الاعلامية"، مضيفا أن "جزءا من وظيفة قنوات مثل (صابرين نيوز) هو أن تكون بمثابة حملة تخويف".

وذكّر التقرير أنه "عندما حاول انصار الميليشيات في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021 ، اقتحام المنطقة الخضراء حيث يقع البرلمان والسفارة الأمريكية، نشرت (صابرين نيوز) رسالة تهدد ضباط الأمن الذين قاموا بحمايتها. كما نشرت قنوات مختلفة على تلغرام مرتبطة بمجموعات مسلحة، اسماء (17) ضابطا قالت إنهم شاركوا في مهمة الحماية".

وختم التقرير بالعودة الى قصة سؤدد الصالحي، وقال إنه "في أواخر صيف هذا العام، كانت الصالحي في وسط بغداد وهي تنتظر شقيقتها في سيارتها عندما اقترب رجل من نافذة السيارة قائلا "مرحبا كيف حالك؟ ثم اخبرها انه يعرف خلفيتها في العمل. وأضاف "بإمكاننا أن نصل اليك".

وردت عليه سؤدد الصالحي محاولة السخرية من الموقف وقالت له "قل لي متى ستقرر التخلص مني". لكنه رد عليها قائلا "ليس الآن".

ترجمة: وكالة شفق نيوز

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon