قراءة ما بين سطور قمة عمان التي قدمت الكاظمي زعيماً جديداً

قراءة ما بين سطور قمة عمان التي قدمت الكاظمي زعيماً جديداً
2020-08-25T18:11:59+00:00

شفق نيوز/ القمة الثلاثية الثالثة التي عقدت بين العراق ومصر والأردن في عمان، بامكانها أن تشكل نقلة نوعية في علاقات بغداد والقاهرة وعمان، بما ينسحب على مصالحها ايجابيا. ورمزيا، ربطت القمة ضفتي الشرق الاوسط في آسيا وأفريقيا، لكن الاختبار الحقيقي للقاء الثلاثي، يفترض ان تظهر نتائجه تباعا. 

ولم تعقد قمة عمان الثلاثية في أجواء اعتيادية للدول الثلاث. ومن هنا يجب ان يُقرأ البيان الختامي والتصريحات الصادرة عن الزعماء مصطفى الكاظمي وعبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني.

فأولاً، وباء كورونا فرض حضوره بندا أول على الاجتماعات التي عقدت غداة الاعلان عن اصابة وزير عراقي بالفيروس، لكن الأهم ان الوباء رمى بثقله أيضا على دوران العجلات الاقتصادية في الدول الثلاث، وترك آثارا سلبية للغاية، ما يجعل القمة مجبرة على البحث عن حلول وصيغ تعاون مشتركة للتخفيف من وطأته.

ودخل الكاظمي الى القمة الثلاثية كزعيم جديد، إذ عقدت القمتان السابقان في القاهرة في مارس (آذار) 2019، بحضور رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، وفي نيويورك في سبتمبر (أيلول) 2019، بحضور الرئيس العراقي برهم صالح.

وإذا كان التقاء زعماء المنطقة بديهيا من أجل التعاون والتنسيق، الا ان قمة عمان تكتسب أهمية استثنائية في توقيتها وظروفها. فالكاظمي شارك فيها بعد زيارته المهمة الى الولايات المتحدة ومحادثاته مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب والتي اتفق خلالها على مسائل تحدد مصير المشهد العراقي في المرحلة المقبلة خصوصا في ما يتعلق بمستقبل الوجود العسكري الاميركي.

كما ان العراق يواجه أزمات اقتصادية ومعيشية أثرت على استقراره الاجتماعي، واقتراحات التعاون وفتح الأسواق والتبادل الإقليمي، ربما تساهم في التخفيف من المصاعب القائمة. كما انه جاء الى قمة عمان ليشكو الى الزعيمين المصري والاردني مخاطر التدخلات الخارجية بالشأن العراقي، وبالتأكيد وجد آذانا صاغية عند السيسي الذي يواجه مخاطر مشابهة متمثلة في التوغل التركي على الحدود الغربية لمصر عبر البوابة الليبية وفي البحر المتوسط على حدودها الشمالية.

وتبدو الدول الثلاث، وخاصة العراق، بحاجة ماسة الى حاضنة عربية مشتركة في ظل التشظي الإقليمي وغياب ما يسمى "العمل العربي المشترك، واضمحلال دور الجامعة العربية. وسيحاول الكاظمي استكمال هذه الحاضنة بإعادة ترتيب موعد لزيارته المؤجلة إلى المملكة العربية السعودية التي ألمح مؤخرا إلى أنها ستتم قريبا.

أما في ملف الارهاب، فقد كان الكاظمي أكثر من دق ناقوس الخطر بحسب التصريحات الصادرة من عمان. وهو ملف يجمع أيضا الزعيمين الآخرين، حيث تحيط المملكة الاردنية من حدودها الشرقية مع العراق مخاطر عابرة للحدود، ووضع متفجر منذ عشرة أعوام عند حدودها الشمالية مع سوريا، في حين ان السيسي يواجه أزمة السيطرة الكاملة على شبه جزيرة سيناء بسبب تغلغل الجماعات المسلحة فيها، وتكون خلايا ارهابية مدعومة تركيا، بحسب الاتهامات المصرية، على حدودها مع ليبيا. 

اما في ما يتعلق بقضية فلسطين، فقد كان من اللافت ان البيان الختامي الصادر عن القمة الثلاثية لم يتطرق بشكل مباشر الى اتفاقية التطبيع الاماراتية – الاسرائيلية، ولم يعلن فقر ترحيب بها، وإنما اكتفى بانتقاد خطة الضم الاسرائيلية لأراضي الضفة الغربية، وحرص في المقابل، على التعبير عن التمسك بمبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت العام 2002، كخيار عربي مشترك للتعامل مع التحديات الاسرائيلية. 

ولهذا الموقف دلالته المهمة لان اصواتا مطالبة بالتطبيع مع اسرائيل أسوة بالنموذج الاماراتي، سمعها الكاظمي صادرة من شخصيات وبعض القوى العراقية، في حين ان المملكة الاردنية تشعر تاريخيا بالقلق ازاء اي مبادرات عربية منفردة تجري للصلح مع اسرائيل، لا تأخذ بالاعتبار مسألتين مهمتين لها: مستقبل الشتات الفلسطيني ومصالح الأردن على الحدود مع الضفة الغربية المحتلة. اما بالنسبة الى السيسي فإن الاحتكام الى مبادرة السلام العربية التي كانت رعاها الملك السعودي الراحل عبدالله، تمثل ملاذا آمنا في اتخاذ موقف سياسي حساس، وهو الذي تربطه أيضاً علاقات جيدة مع السلطات الاماراتية.

وهناك نقطة أخرى، بحث عنها المراقبون في البيان الختامي الثلاثي، ولم يجدوا لها أثرا، وتتعلق بمشاريع استكمال الخط النفطي الذي يفترض ان يربط العراق بالاردن ومنه الى مصر، للتصدير عبر البحرين المتوسط والأحمر، كبديل عن مسار مضيق هرمز، المنفذ البحري الوحيد للعراق. 

ومهما يكن، فإن الجوانب الاقتصادية ومجالات الاستثمار والتجارة، اخذت على ما يبدو الحيز الأكبر من اهتمامات الكاظمي والسيسي وعبدالله الثاني. 

وأكد عبد الله الثاني أن الأحداث المتسارعة في المنطقة وتدخل بعض الأطراف الخارجية يستدعي التنسيق والعمل المشترك، بينما شدد السيسي ان أهمية دعم المؤسسات في دول المنطقة للمساهمة في استعادة الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، والحفاظ على وحدة أراضيها، في حين أكد الكاظمي على أهمية الإرادة الجماعية للقضاء على الإرهاب، مع مواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل والتسليح.

وقد كانت كلمة الكاظمي حافلة في مجالات عدة، وتعكس الكثير من رؤيته للاحداث العراقي وفي المنطقة والتي نشرت وكالة شفق نيوز مقتطفات منها، ودعا فيها الى ضرورة تجنيب المنطقة المزيد من الصراعات والحروب، واكد رغبة العراق بإقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار بما يحفظ سيادته وامنه واستقراره، مجددا موقف البلاد من القضية الفلسطينية و"حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته وعاصمتها القدس". 

وقال الكاظمي "منطقتنا ليست بحاجة إلى حُرُوب، وصراعات جديدة، بل بحاجة لأن نقف جميعاً مع بعضنا، ونعمل من أجل تحقيق ما تصبو إليه شُعُوبنا من أمن واستقرار وتنمية وحياة أفضل، وأن نعمل لصنع السلام". 

وبعدما شدد على أهمية "الحفاظ الأمن القومي"، قال "إنّ رؤية العراق تركز على تبني المشتركات والنأي عن الصراعات وتحقيق التكامل والتعاون الاقتصاديّ بين الدول الثلاث من خلال تطوير المناطق الصناعيّة (الاقتصاديّة) المُشترَكة، وضرورة إيجاد شراكات إستراتيجيّة مُتعدّدة الأوجه بهدف تعزيز حُضُور الاقتصاد العراقيّ بشكل مُشترَك مع اقتصاديّات الدول العربيّة". 

وصدر عن قمة عمان بيان يتضمن 15 محورا، نشرت وكالة شفق نيوز نصه الحرفي. 

ولم يحدد بعد موعد للقمة الثلاثية الرابعة، لكن من المهم الترقب ما اذا كانت مقررات قمة عمان هذه، سيتحقق بعض وعودها، ام ان "العمل العربي المشترك" سيظل محكوما دوما بالتأجيل والانتظار. 

 

 

 

 



Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon