قصة عطاء ونجاح كوردية.. بنار طالباني فتاة ألهمتها معاناتها لتكافح وباء العصر

قصة عطاء ونجاح كوردية.. بنار طالباني فتاة ألهمتها معاناتها لتكافح وباء العصر
2021-05-23T16:19:20+00:00

شفق نيوز/ بنار طالباني، فتاة كوردية، قضت سنين طفولتها ما بين خوف من بطش النظام البعثي السابق، ولاجئة مشردة ما عائلتها تسكن بيوت الغرباء خارج الحدود قبل أن يحالفهم الحظ ويحصلوا على حق اللجوء في بريطانيا عام 1998، ومن هناك حولت معاناتها إلى قصة نجاح أسهمت بشكل فاعل في مكافحة أخطر وباء يهدد البشرية حالياً.

روى موقع "ويلز اونلاين" البريطاني، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، قصة بنار طالباني (32 عاما) التي اصبحت دكتورة تتصدر حملات مواجهة المعلومات المضللة حول وباء كورونا ومكافحة الخوف من اللقاحات، في اطار عملها كطبيبة متخصصة في طب الكلى وزرع الاعضاء في كارديف في ويلز ببريطانيا.

خلال تسعينيات من القرن الماضي، هربت بنار طالباني مع عائلتها واختبأت في الكهوف، كما فقدت شقيقها الرضيع بشكل مأساوي، لكنها الان تنشط في الدفاع عن اللقاحات ضد كورونا في ويلز.

وعندما لا تكون بنار طالباني في ميدان العمل لمحاربة الوباء، يمكنك العثور عليها على موقع التواصل الاجتماعي TikTok الذي استثمرته لتبدد الأساطير حول اللقاح الذي يروج له مناهضو التطعيم.

وتبدأ قصة بنار في إقليم كوردستان العراق، حيث ولدت عام 1988 لعائلة كوردية كانت منخرطة بقوة في المقاومة الكوردية ضد صدام حسين، واجبرت لاول مرة على الفرار من منزلها خلال حرب الخليج عام 1990 عندما كانت تبلغ من العمر عامين فقط الى ايران المجاورة مع شقيقها البالغ من العمر تسعة اشهر وامها واقاربها الاخرين وقد بقي والدها وجدها للمشاركة في القتال.

وتخللت الرحلة المرعبة المشي سيرا على الاقدام عبر الجبال والاختباء في كهف دون طعام. وتقول بنار "أمي كانت تحكي لنا القصص عندما كنا في الكهف. حيث لم يكن لدينا وقت للحصول على الطعام، لذلك يبدو انني كنت اجمع بذور التمر وامتصها من أجل السكر لانني لم اتناول اي شيء منذ بضعة ايام".

لكن المأساة ضربت الاسرة قبل ان تعبر الحدود الايرانية، عندما اصيبوا جميعا بالدزنتاريا بسبب نقص مياه الشرب النظيفة، فتوفي شقيق بنار الرضيع. وكان على والدتها المسكينة أن تتعامل مع وضع مأساوي ومزري. وقالت بنار: "لقد دفنت اخي عندما كنا في ايران".

ومع عدم وجود مخيمات للاجئين في ايران، لجأ افراد العائلة لبضعة اشهر في منازل ايرانيين غرباء تماما قرروا رعايتهم. وبعد ان اصدر صدام حسين عفوا ودعا الكورد للعودة الى العراق، عادت بنار وعائلتها الى وطنهم، لمعرفة ما اذا كان والدها وجدها على قيد الحياة ام لا.

وبعد عودتها الى العراق، عاشت بنار ووالدتها لبضعة اشهر في مخيم لاجئين تابع لمنظمة "اطباء بلا حدود". وعندما حصل الكورد في نهاية المطاف على الحكم الذاتي في شمال العراق، حصلت العائلة اخيرا على فرصة لاستئناف حياتهم، من الصفر.

وتتذكر بنار تغير حظوظها قائلة "طفولتي كانت افضل بكثير من غيري في ذلك الوقت. كان لدي منزل، كان لدي عائلة تحبني"، مشيرة الى ان حياتها كانت افضل نسبيا مقارنة بالاخرين.

وذكر الموقع البريطاني "قد تكون مشاركتهم في المقاومة قد جلبت الحرية لكنها جاءت أيضا بثمن باهظ"، ونقل عن بنار قولها "كنا هدفا مستمرا، لذلك كان لدي حارس شخصي يأخذني الى المدرسة، وكان والدي يحمل سلاحا، واصبح لدينا حراسة دائمة حول منزلنا".

وفي العام 1996 عندما حاول صدام حسين استعادة السيطرة على شمال العراق مرة اخرى، تحققت أسوأ مخاوفهم، واصبح من الخطر على بنار وعائلتها البقاء واضطروا الى الفرار مرة اخرى. وتتذكر بنار "فجأة، بين ليلة وضحاها، اضطررنا الى المغادرة. وحزم والدي الحقيبة".

وأضافت بنار "كان لدي اخ واخت جديدان في تلك المرحلة. غادرت امي وثلاثة منا، فيما بقي والدي لانه اراد ان يستمر في العمل الذي كان يقوم به".

واشار الموقع ان انهم مضوا في رحلة يائسة الى سوريا، حيث كانوا يعيشون كطالبي لجوء. ومن اجل الحصول على وضع اللاجئ، كان عليهم ان يبرهنوا لممثلية الامم المتحدة في سوريا انه ليس من الآمن لهم العودة إلى العراق، وهي عملية استغرقت عامين.

واخيرا، في عام 1998، تم الاعتراف بهم كلاجئين وتم تحديد بريطانيا كموطن جديد لهم. ومع حقيبة واحدة فقط، استقلوا رحلة متجهة الى بريطانيا، ووصلوا الى المطار، وهم لا يعرفون ماذا سيحدث او الى اين سيذهبون.

اصبح وطنهم الان شقة في مدينة برمنغهام. وفي غضون عامين، عملت والدة بنار بجد لتعلم اللغة الانكليزية والحصول على وظيفة والتسهيلات الاجتماعية التي تقدمها السلطات البريطانية.

واتبعت بنار نموذج والدتها الملهم، والتحقت بالمدرسة وتعلمت اللغة الانكليزية واجتازت اكثر من 11 امتحانا للالتحاق بمدرسة القواعد. واليوم، تقر بان تجربتها كلاجئة ليست نموذجية.

وتوضح بنار "كنا محظوظين للغاية. لقد أتيحت لنا الكثير من الفرص التي للاسف لم تعد موجودة بعد الان، لاننا بطريقة ما وصلنا الى مرحلة نقوم فيها الان بتشويه سمعة اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يفرون من اوضاع مروعة".

قررت بنار عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها انها تريد ان تصبح طبيبة. وعندما كانت تحضر طلبات الانتساب الى كلية الطب، أدركت أن قرارها المبكر ترسخت جذوره بقوة في تجربتها كلاجئة. وقالت بنار "عندما كنا في مخيم اطباء بلا حدود، كان هناك طبيب واحد متطوع".

وتقول بنار "حتى يومنا هذا لا يتحدث والداي كثيرا عما حدث في الماضي. اعتقد انه مؤلم للغاية بالنسبة لهم، وانا افهم ذلك. لكن امي ستتحدث دائما عن هذا الطبيب ومدى روعته. لا اعرف اسمه، لكني اعتقد انني قرأت عنه في المجلة الطبية البريطانية ذات مرة. عندما تكبر مع صورة هذا الشخص المذهل الذي يتطوع لمساعدة الناس، من الصعب جدا ان تنجذب الى ذلك".

وكانت جامعة كارديف اختيار بنار الاول لكلية الطب، وانتقلت هناك في العام 2007 لدورة دراسية مدتها 6 سنوات. وخلال عام من البحث، ادركت انها استمتعت بالبيئة الاكاديمية وانخرطت في المزيد من المشاريع. وبعد تخرجها في العام 2013، وبعدها بسنوات تقدمت للحصول على تدريب طبي اكاديمي بسنة بحثية في كارديف. والتحقت ببرنامج الدكتوراه في العام 2019، والذي ركز على علم المناعة الكلوي، وهي ستكمله في العام 2023.

وعندما ضرب فيروس كورونا وتأثرت رعايتها لطفلتها سبب طبيعة عملها، كان عليها ان تتخلى عن الممارسة السريرية وتحصل على الدكتوراه بدوام كامل. وبالنسبة الى بنار، كان لانعدام الثقة المنتشر حول اللقاحات تأثير كبير. وفي بداية هذا العام، عندما دعتها صديقة للانضمام الى مبادرة جديدة تسمى الاطباء المسلمون (MDC) لمكافحة المعلومات الخاطئة حول كورونا واللقاحات، انتهزت الفرصة. وما بدأ كتجمع صغير من 20 شخصا في منتصف شهر يناير/كانون الثاني يضم مستشارين وكبار الاطباء وطلاب الطب والصيادلة، سرعان ما تنامى ليتحول الى مجموعة متنوعة من 60 شخصا.

وانتجت هذه الرابطة مقاطع فيديو لمواجهة الاساطير مدتها دقيقة واحدة لتصحيح الروايات الكاذبة الشائعة حول اللقاحات، وتم نشرها يوميا على فيسبوك وتويتر وانستغرام. بين منتصف يناير ونهاية مارس/اذار، عقدوا ندوة واحدة، وأحيانا اثنتين، في عطلة نهاية الاسبوع، تغطي سبع لغات مختلفة.

وساهمت بنار في ندوة عبر الانترنت باللغة الكوردية، بالإضافة إلى اللغات الاردية والباشتو والبنجابية والبنغالية والعربية والصومالية. كما اشركوا رجال دين لاحقا للمساعدة عبر الانترنت في ومواجهة كورونا.

واشار الموقع البريطاني الى ان دور بنار جزء لا يتجزأ من كيفية عمل الرابطة بصفتها العضو الاول الذي يتمتع بخلفية بحثية علمية، وقامت بإنشاء ملف كامل حول الاسئلة الاكثر شيوعا حول كورونا واللقاحات والجهاز المناعي.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon