رئيس حكومة سوفيتية ينشر يومياته مع صدام في حرب الخليج

رئيس حكومة سوفيتية ينشر يومياته مع صدام في حرب الخليج
2022-02-13T16:53:28+00:00

شفق نيوز/ نزل "يفغيني بريماكوف"، مبعوث الرئيس السوفيتي "غورباتشوف»، إلى العاصمة العراقية بغداد وتحديداً بفندق الرشيد، الساعة الحادية عشرة مساء 12 فبراير/ شباط 1991، أثناء حرب أمريكا ضد العراق لتحرير الكويت التى بدأت 17 يناير/ كانون الثاني 1991، وكان العالم حينها يترقب تهديد الرئيس الأمريكي جورج بوش "الأب" بشن الحرب البرية، بعد أن حققت الضربات الجوية أهدافها.

وأرسل "غورباتشوف" مبعوثه إلى بغداد لإقناع الرئيس العراقى صدام حسين بسحب قواته من الكويت دون شرط، كى يتوجه الرئيس السوفيتي إلى أمريكا باقتراح لوقف إطلاق النار.

 ويكشف "بريماكوف" - الذي أصبح فيما بعد رئيساً للحكومة السوفيتية من 1998 إلى 1999 - وقائع ما جرى معه في بغداد، عبر كتابه "يوميات بريماكوف في حرب الخليج"، مشيراً إلى أن لقاءه هذه المرة مع صدام كان الثالث منذ غزو العراق للكويت في 2 أغسطس/ اب 1990، ويذكر أن معرفته قديمة جداً بصدام، حينما كان مراسلاً للشرق الأوسط في ستينيات القرن الماضي لجريدة "برافدا" لسان حال الحزب الشيوعي السوفيتى، والتقاه لأول مرة عام 1969، ولم يكن آنذاك رئيسا للعراق، وإنما من أقوى أعضاء القيادة العراقية.

ويذكر "بريماكوف" أن بعد وصوله بغداد، أبلغوه في وقت متأخر من الليل بأنه سيلتقي مع طارق عزيز الساعة الحادية عشر صباح 13 فبراير/ شباط 1991، (مثل هذا اليوم)، بالسفارة السوفيتية، وفي اللقاء انهالت اتهامات "عزيز" للاتحاد السوفيتي وسياساته التي كادت أن تعطي الضوء الأخضر لحرب الأمم المتحدة ضد العراق.

يتذكر "بريماكوف": "اقترحت على طارق أن نتمشى بعض الوقت في الحديقة، وأثناء ذلك ظل الحديث حاد اللهجة"، ويضيف: "خطر لي أن طارق يفعل ذلك من أجل أن يكشف ردود فعلي ومدى متانة تعاوننا مع الولايات المتحدة والبلدان الأخرى فى الائتلاف متعدد الجنسيات".

ويقول: "فاتحت طارق بأن العراق يرتكب الغلطة تلو الغلطة، ويحاول صيانة ما لا يصان، وسقت له - كمثال - الخبر الذي أثار فوران العالم بأسره، بأن السلطات العراقية أعلنت نيتها تسكين الأسرى من الطيارين الأمريكيين وممثلى البلدان الأخرى المشاركة في القوات متعددة الجنسيات في المنشآت الاستراتيجية، منتهكاً بذلك معاهدة جنيف كلياً، ورداً على ذلك استأنف طارق من جديد اتهامه لنا، وعندها قلت له: إننا لم نصل إلى هنا لسماع كل ذلك، وإذا كان هذا ما ينتظرني من جانب صدام فقد أكون في غنى عن مقابلته".

وفى مساء اليوم ذاته، يقول، "بريماكوف" إنه التقى مع صدام، يتذكر: "نقلونا إلى طريق تحت الأرض يصل إلى احدى دور الضيافة فى وسط المدينة والتي أضاءتها المصابيح الكهربائية بمولدات صغيرة، ووصل صدام مع كل أعضاء القيادة العراقية، وجلس قرب أحد المدافئ النفطية، وخلع معطفه العسكري، ونزع كالعادة حزامه الذي يتدلى منه جراب مسدسه، وفطنت إلى أنه فقد من 15 إلى 20 كيلوغراماً منذ لقائنا الأخير، ولكن مظهره دل على الهدوء، وعلى قدر كافٍ من الاعتداد، واستهل حديثه بتوجيه اللوم إلى الاتحاد السوفيتي، وكذلك عبارات يمكن اعتبارها بمثابة محاولة لإظهار رسوخ الموقف العراقي، وكان الطابع الذي ميز أقواله يرجع بالأحرى إلى حضور أعوانه، وكان انطباعي أنه يخاطبهم أكثر ما يخاطبني. وطلب "بريماكوف" الانفراد بصدام، وعندما انفرد به قال له: "الأميركيون يميلون بكل حزم إلى بدء عملية برية واسعة الأبعاد يتم خلالها تدمير حشود القوات العراقية في الكويت، سيتم تدميرها، أتفهمني؟ إن السياسة هي فن الممكن، واقترحت عليه بإيعاز من الرئيس السوفيتي: إعلان سحب القوات من الكويت على أن يحدد في هذا الإعلان أقرب المواعيد لهذا الانسحاب، وأن يكون تاماً وأكيداً".

ويذكر "بريماكوف"، أنه حدث الانقلاب الحقيقي لأول مرة عند صدام، وراح يطرح الأسئلة: هل يمكنني أن أثق بأنهم لن يطلقوا النار فى ظهور الجنود الخارجين من الكويت؟ هل سيتم وقف الغارات على العراق بعد انسحاب قواته؟ هل سيتم إلغاء العقوبات التى فرضتها الأمم المتحدة ضد العراق؟ في الوقت ذاته بدأ صدام يتلمس إمكانية تغيير طبيعة النظام فى الكويت، فأجبته بأن الحديث يجب أن يدور حول استعادة الوضع الذى كان قبل الثاني من أغسطس/ اب.

ويضيف: "سألني إذا كان يمكنني البقاء فترة أطول في العراق، فأجبته: سأسافر إلى الحدود الإيرانية في السادسة صباحا، فوافقني بأنه يستطيع فعلاً أن يجمع القيادة العراقية هذه الليلة، وأن طارق عزيز سيحمل الجواب المقتضب إلى السفارة السوفيتية".

 وفي الساعة الثانية من ليل 13 فبراير/ شباط، وصل طارق عزيز إلى السفارة السوفيتية، كما يتذكر "بريماكوف" في يومياته ويقول: "جلب معه بياناً خطياً جاء فيه: إن القيادة العراقية تعكف بجد على دراسة الأفكار التى بسطها ممثل الرئيس السوفيتي، ولسوف تجيب عنها فى القريب العاجل"، وذكر طارق عزيز أنه سيتوجه إلى موسكو يوم الأحد، ليغادر بعدهها "بريماكوف" الى بلاده.

من جانبه كشف حفيد الدبلوماسي والسياسي الروسي المخضرم الأكاديمي "يفغيني بريماكوف"، عن جانب من ذكريات جده وانطباعاته عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، قبل الغزو الأمريكي لبلاده عام 2003.

وقال يفغيني بريماكوف الحفيد، رئيس الوكالة الروسية للتعاون الدولي الإنساني، في تصريحات لوكالة "نوفوستي" نقلا عن كلام جده، أن الاخير التقى صدام حسين قبل الغزو مرة ثانية بصفته هذه المرة مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال إن صدام حسين قبيل الحرب فقد على ما يبدو الإحساس بالواقع، وكان يثق بقوته وعظمته بشكل غير طبيعي.

وأضاف بريماكوف، أنه من الناحية الإنسانية والعاطفية، يصعب تصور أبعاد الكارثة التي وقعت في ذهن صدام وعقله ونفسه عندما أدرك أنه خسر البلد، وأن أقرب المقربين له والذين حلفوا له يمين الولاء، خذلوه وهجروه.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon