ايلول.. شهر التوعية بمرض سرطان الدم

ايلول.. شهر التوعية بمرض سرطان الدم
2021-09-27T17:05:22+00:00

يعتبر مرض السرطان من الأمراض الخبيثة التي لم يتمكن العلم من إيجاد العلاج الشافي لها، ويوجد أنواع عديدة منه أبرزها سرطان الدم (اللوكيميا) الذي يعتبر من الأنواع الخبيثة والخطيرة التي تصيب الانسان. وبهدف توعية المجتمع على مخاطر هذا المرض وكيفية الوقاية منه وإلقاء الضوء على العلاجات المتوافرة له تم اختيار شهر أيلول للتوعية حول هذا المرض. للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع في سياق حديث الدكتور بسام فرانسيس أخصائي أمراض السرطان.

* ثمة أنواع عدة لمرض السرطان والأكثر شيوعاً هو سرطان الدم، اشرح لنا ما هو سرطان الدم؟

- مرض السرطان هو من الأمراض التي تتميز بتطور خلايا شاذة وعدائية بطبعها تنقسم بطريقة لا يمكن السيطرة عليها ولديها القدرة على التسلل وتخريب أنسجة الجسم الطبيعية، ويكون للسرطان في كثير من الأحيان القدرة على الانتشار إلى جميع أنحاء الجسم أو عن طريق السائل اللمفاوي او الدم. يصيب السرطان جميع الفئات العمرية دون أن يستثني طفلاً أو شاباً في مقتبل العمر أو معمراً، لكنه يطال كبار السن أكثر من غيرهم. .

أما سرطان الدم فهو أحد أنواع السرطان الذي يتكون في الأنسجة المسؤولة عن إنتاج خلايا الدم ويتكون عادة في خلايا الدم البيضاء التي تحارب وتقاوم العدوى والالتهابات المختلفة، لكن خلايا الدم الاخرى يمكن ان يحدث فيها هذا التكاثر وتكون عادة إما ناضجة كحالات ابيضاض الدم المزمن أوغير ناضجة في بدايات تكوينها ويكون هذا النوع عادة أكثر شدة وفعالية على الإنسان كما في حالة ابيضاض الدم الحاد وتكون اما ليمفاوية أو نقيانية.

* هل هناك أنواع مختلفة لسرطان الدم ؟

- يعتمد التصنيف الأول للسرطان الدم على الفترة الزمنية للمرض ووتيرة تقدمه، ففي حال كانت فترة انتشاره الزمنية لا تتعدى أسابيعاً قليلة، لكن المريض يعاني من أعراض حادة فيسمى عندها ابيضاض الدم الحاد أو الخطير، وتكون الخلايا في تلك الحالة غير قادرة على القيام بوظيفتها وتميل إلى الانقسام بوتيرة سريعة لذا يتفاقم المرض بسرعة مما يتطلب معالجة سريعة ومشددة. أما النوع الثاني من سرطان الدم فهو ابيضاض الدم المزمن، وفي هذه الحالة لا تظهر أعراض معينة عند المريض ويمكن للمرض أن يبقى خفياً وغير مشخص لبضع سنوات على الرغم من كونه مزمناً. . يعتمد التصنيف الثاني على نوع خلايا الدم المصابة، التي قد تكون لمفاوية وتتواجد في العديد من أجهزة الجسم التي تشمل الغدد اللمفاوية والطحال واللوزتين أو خلايا الدم النقيانية الموجودة في النخاع الشوكي.

وبالحديث تفصيلاً عن أنواع سرطان الدم فهو إما يكون سرطان الدم الحاد حيث تكون الزيادة في عدد خلايا الدم غير الناضجة أكثر، ويبدأ في النخاع الشوكي وينتشر بوتيرة سريعة بطريقة تؤثر على مكونات النخاع الشوكي، ثم يخرج للدم مما يؤدي إلى عجز في عمل النخاع الشوكي في غضون أسابيع قليلة لا نتخطى الشهر على حد أقصى . أما النوع الثاني من سرطان الدم يسمى سرطان الدم المزمن وسببه زيادة عدد خلايا الدم البيضاء الناضجة نسبياً، والتي تنقسم وتتكاثر أو تتراكم ببطء، ولها قدرة اعتيادية على العمل طوال فترة زمن معينة دون أن تظهر أعراض معينة على عكس سرطان الدم الحاد التي تكون ناضجة، ويحدث هذا التكاثر خلال فترة زمنية تمتد من شهر الى ستة أشهر وحتى سنة وتكون على مراحل متعددة. وفي حال تم تقسيمها بشكل آخر فتكون سرطان دم لمفوى وسرطان دم نخاعي أو نقياني حسب نوع الخلية وطبيعتها ومنشئها.

* كيف يتطور سرطان الدم في جسم الانسان ؟

-غالباً ما يعتبر سرطان الدم مرضاً حاداً إذ أنه يكون في مرحلة متقدمة حتى لو في بداياته. وقد يتطور بسرعة فائقة في حال ترك المريض من دون علاج وفي حال لم تتم السيطرة عليه او عدم الاستجابة من قبل المريض. وقد يفضي المطاف إلى فشل في النخاع الشوكي. وفيما يخص سرطان الدم المزمن فعادة تكون الأعراض أقل حدة من سرطان الدم الحاد، لكن مع مرور الزمن وترك المريض من دون أي علاج قد تحدث تطورات خطيرة ويتحول الى سرطان الدم الحاد. لا يوحد في مرض سرطان الدم مرحلة خطيرة محددة، إذ يمكن أن تكون وتيرة تقدمه خطيرة منذ البداية أو يأتي على مراحل مع أعراض بسيطة ثم يتطور بمرور الزمن سواء في حالة سرطان الدم المزمنة اللمفاوية او النقيانية.

وفيما يتعلق بأسباب تطور سرطان الدم، فليس هناك سبباً واحداً لتطوره، لكن عدم السيطرة على الخلايا السرطانية له اسباب متعددة. ويعود السبب الرئيسي إلى تغير الجينات داخل الجسم، إذ لا يمكن السيطرة على تكوين الخلايا السرطانية داخل الجسم من ناحية النوعية والعدد لأسباب وراثية، نظراً إلى أنه ثمة أمراض وراثية تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان او أسباب مكتسبة مثل التلوث البيئي والتعرض إلى مواد مشعة وكيماوية، والتعرض في بعض الأحيان للإصابة ببعض الالتهابات الفيروسية التي قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم.

* ما مدى اهمية التشخيص المبكر لمرض سرطان الدم في علاج المصابين بهذا المرض؟

- لا شك إن التشخيص المبكر للمرض عامل مساعد ومهم في عملية العلاج، ، فعامل الوقت مهم جداً وجميع الدراسات الطبية تؤكد أن العلاج يكون أسهل وأكثر نجاعة ونسبة الشفاء أعلى في حال التشخيص المبكر .

* هل هناك أعراض محددة تظهر على المصاب بسرطان الدم؟

- تظهر أعراض كثيرة على مريض المصاب بسرطان الدم أولها فقر الدم الناتج عن تأثير الخلايا السرطانية على كريات الدم الحمراء في النخاع الشوكي الذي تنخفض نسبته إنتاجه. وأبرز عوارض فقر الدم النحول والتعب الشديد واصفرار الوجه وضيق التنفس، فضلاً عن آلام في الصدر والإعياء. وقد يتعرض المريض أيضاً للنزيف بسبب تأثير الخلايا السرطانية على النخاع الشوكي وقد يسبب هبوط عدد الصفيحات الدموية المسؤولة على قابلية النزف، وقد يتعرض المريض للنزيف تحت الجلد وفي العين والانف واللثة والأسنان والجهاز الهضمي والنزف الكثيف. بالإضافة إلى كل تلك العوارض، قد ترتفع حرارة المريض أو يصاب بالالتهابات. وغالباً ما تكون الالتهابات الشديدة مصاحبة لمرض السرطان وتكون البكتريا من الانواع غير المألوفة التي تؤدي الى التهاب شديد بسبب نقص المناعة فيتعرض المريض الى الحرارة والصداع وألم في العظام والقحة والبلغم والتهاب في المجاري البولية والاسهال. لا تتوقف العوارض عند هذا الحد، بل قد تتضخم الغدد اللمفاوية في الرقبة وتحت الإبط وكذلك تتضخم الطحال في الجهة اليسرى للبطن. وغالباً ما يترافق مرض سرطان الدم المزمن مع انخفاض الوزن، لكنه يكون نادراً للمصابين بابيضاض الدم اللوكيامي او اللمفاوي الحاد. وثمة احتمال أن يشخص المرض عند الفحص دون أن يكون ثمة عوارض ولكن هذا نادراً ما يحدث

* ما هي العلاجات المتاحة حاليا لمرضى سرطان الدم؟

- لا يوجد لمرضى سرطان الدم فرصة كبيرة للشفاء في حال لم يتم معالجتهم، ويشير العلماء إلى أن فترة بقائهم على قيد الحياة لا تتجاوز الثلاثة اشهر اذا اعتمد فقط على نقل الدم والمضادات الحيوية علماً أن الأعمار بيد الله عز وجل طبعا. ويعتمد العلاج على عوامل أخرى مثل عامل العمر أو وجود أمراض مزمنة أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو عجز بالقلب أو السكري وعلى نشاط المريض وعمره البيولوجي والحيوي. وتتركز العلاجات الرئيسية في العلاج الكيميائي ويحدد العلاج حسب بروتوكول قد يستمر لأيام معدودة أو أشهر أو سنين، وقد تستمر مثلاً علاج حالة ابيضاض الحاد اللمفاوي لسنتين ونصف للإناث وثلاث سنوات للذكور.

تحتاج حالات ابيضاض الدم اللمفاوي المزمن والنقياني المزمن إلى مثبتات الدايروسين التي هي عبارة عن كبسولات أو حبوب لمدى الحياة أو مدى مدة استقرار المرض، ويتحول المرض من سرطان الدم المزمن الى أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكر حيث يتناول المريض علاجه بالكبسول. وقد أكدت كل الدراسات الطبية خصوصاً في ابيضاض الدم المزمن أن المريض يعود الى حالته الطبيعية ويمارس النشاطات الاعتيادية كافة وقد يتمكن في بعض الحالات من إيقاف العلاج والشفاء تماماً من المرض، لكن الأمور تبقى رهن الدراسات. وتحتاج بعض الحالات إلى العلاج الشعاعي، علماً أن شريحة كبيرة من المرضى لا تستفيد من هذا النوع من العلاج إلا في حالات معينة. ثمة علاجات أخرى تتمثل في زرع النخاع الشوكي الذاتي أو من متبرع، وهناك حالات خاصة من ابيضاض الدم الحاد التي تتطلب عملية زرع النخاع الشوكي الذاتي او من متبرع، وثمة حالات تستخدم فيها علاجات مثبطة، الغرض منها إطالة الحياة والسيطرة على المرض وتقليل الآثار الجانبية واستقرار المرض عند مرحلة معينة دون شفائه كلياً، وتكون نسبة اختفاء المرض او السيطرة عليه في هذه الحالة منخفضة.

* ما مدى انتشار مرض سرطان الدم في المنطقة؟

- شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملموساً في عدد المرضى المصابين بسرطان الدم في المنطقة بشكل عام وفي العراق بشكل خاص، وذلك بفضل تحسن مستوى التشخيص المبكر. لقد كانت فرص التشخيص ضئيلة جداً في السنوات السابقة بسبب عدم توافر الفحوصات المتقدمة للتشخيص. في العراق تحديداً بات تشخيص المرض في السنوات الاخيرة يتم في فترة وجيزة تتراوح من 24 ساعة الى 48 ساعة، ترفق بعدها بحوصات معقدة، بعدها يبدأ المريض بأخذ العلاجات المناسبة للحالة. لا نملك فعلياً أرقاماً حقيقية لعدد المرضى في العراق على الرغم من وجود مراكز لتسجيل عدد المرضى في مناطق محددة. وثمة تقرير سنوي لعدد مرضى السرطان في العراق يصدر عن مجلس السرطان والأرقام متقاربة من العدد الحقيقي لكن إذا عدنا لمراكز التسجيل المحددة في بعض المناطق نلاحظ أن تلك المراكز حققت نسبة ممتازة في تسجيل مرضى السرطان لكنها تكون مقتصرة على هذه المناطق.

* ما مدى انتشار هذا المرض في العراق وما هو مستوى الوعي حول سرطان الدم؟

- إن عدد المصابين بسرطان الدم في العراق قريب جداً من عدد المصابين في دول الجوار، لكن التقدم الحاصل في العراق يكمن في التشخيص المبكر بفضل الفحوصات المتقدمة ووجود اطباء متخصصين بالمرض ومختبريين. وثمة زيادة ملحوظة في عدد المرضى سببها التشخيص المبكر، الذي يسهم في توعية المريضوبالتالي وسرعة مراجعة الجهات المختصة. ويوحد في العراق الكثير من المراكز الطبية المتخصصة بأمراض الدم و الأطباء الأخصائيين والمختبرات المتخصصة التي تسهم في تسهيل عملية التشخيص والالعلاج .

وفي ما يخص مسألة توعية المواطنين، فهذا يتوقف على مستوى ثقافته الصحية، إذ ثمة نقص كبير في الإحصائيات الدقيقة التي تبين واقع ومستوى التوعية لدى المواطنين. لكن يبدو أن مستوى الوعي والثقافة الصحية لا تزال خجولة لدى المواطن، على الرغم من الأهمية الكبيرة للفكر التوعوي الذي يتمثل في الفحص الدوري كل ستة أشهر او كل سنة لأنه يساعد على التشخيص المبكر. ولا تزال وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي غير مؤثرة على هذا الصعيد ولا تأبه بتوجيه الفرد وتوعيته حول هذه الامراض.

* هل تخصص الحكومة العراقية دعماً مادياً لمرضى سرطان الدم وما هو حجم هذا الدعم؟ وهل هناك ثغرات؟

- يعتمد النظام الصحي في العراق على الدولة ووزارة الصحة بشكل كامل، إذ توفر الأخيرة جميع الخدمات الصحية من استشفاء وطبابة. وقد تمكنت وزارة الصحة من تجاوز الكثير من المشاكل وحققت قفزات نوعية في مسألة دعم وعلاج مرضى السرطان عبر توفير الفحوصات والعلاجات المتقدمة. لكن بسبب الظروف القاسية التي مرت بها العراق والوضع الاقتصادي الهش، لا يزال القطاع يحتاج إلى دعم مادي أكبر من قبل الجهات الحكومية المعنية.

إن الغالبية العظمى من العراقيين هم من الطبقة الوسطى وتحديداً الموظفين. ولا تحصل تلك الطبقة على الدعم الصحي على اعتبار أن وزارة الصحة لا تستطيع توفير الدعم بمفردها. لكن اللافت هو التقدم الملموس من ناحية العلاجات والخدمة. وينبغي أن تتضافر جهود الوزارات لدعم وزارة الصحة. وتفتقد الوزارة إلى وجود ميزانية محددة لعلاج مرضى السرطان وتوفير المستلزمات المطلوبة لعلاج المرضى. وتكمن إحدى الحلول في إنشاء صندوق لدعم مرضى السرطان تساهم فيه الوزارات والهيئات الخدماتية كالمطارات والمنافذ الحدودية والهيئات الدينية. إلى جانب العلاج، يحتاج مرضى السرطان إلى مستشفيات خاصة ذات مواصفات خاصة تقدم مستوى عال من الخدمات، وعلاجات كيميائية تعرضهم لالتهابات حادة قد تودي بحياة المريض.

* يعتبر شهر ايلول من كل عام شهر التوعية بمرض سرطان الدم، ما هي أهداف وأهمية هذه الحملة السنوية؟

- حدد شهر أيلول للتوعية حول مرض السرطان واعتبر الثاني والعشرين من شهر أيلول يوماً لمرضى سرطان الدم المزمن الذي يشكل شريحة لا بأس بها إذ يوجد ما بين ثلاثة آلاف و3500 مريض مصاب بسرطان الدم في انحاء العراق كافة. إن تخصيص شهر واحد لدعم المرضى غير كاف، إذ يحتاج هؤلاء إلى دعم على مدار العام. من المفرح بمكان أن يكون ثمة شهر او يوم مخصص لمرضى سرطان، لكن نتمنى أن لا يكون الدعم لوجستياً او إعلانياً فقط بقدر ما يكون دعماً حقيقياً يوفر المراكز والادوية، ويهتم بالصحة النفسية للمرضى، فضلاً عن الدعم المالي نظراً إلى عدم قدرة المرضى على العمل، لا سيما في حال كان المريض مسؤولاً عن رعاية أسرته أو عائلته. إن الدعم المعنوي حافز مهم للنهوض. ينبغي على الحكومة أن تبدأ بالخطوة الصحيحة، وأن تكون مدعومة من الجميع.

واخيراً، لا بد أن ننوه بمدينة الطب في بغداد التي خصصت قطعة أرض لبناء مركز متخصص لمرضى السرطان يتضمن نحو مئة سرير. وقد حصل هذا المركز على الدعم المالي من جهات خيرية متعددة، وتم إنجاز نحو 80 في المئة من المشروع. على أمل أن يتم استكماله قريباً، وندعو الجهات الخيرية للتبرع من أجل استكمال المركز. وقد خطت بلدان مثل مصر خطوات مميزة في تخصيص مراكز لمرضى السرطان مثل مستشفى 5757 التي بنيت بناء على دعم جهات خيرية وتبرعات وجهات حكومية من بهدف دعم مرضى السرطان.

Shafaq Live
Shafaq Live
Radio radio icon